فصل: فصل في دلائل الأورام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في علامات أمراض القلب:

من ذلك دلائل الأمزجة غير الطبيعية وقد يدلّ على سوء مزاج القلب ضعف وانحلال قوة وذوبان غير منسوب إلى سبب بادٍ أو سباق أو مشاركة عضو فإن أعان الخفقان في هذه الدلالة فقد تمّ الدليل وإن أدى إلى الغشي فقد استحكم الأمر.
وإذا قوي على القلب سوء مزاج بارد أو حار أو يابس بلا مادة أخذ البدن في طريق السل والذوبان فيكون الحار منه دقاً مطبقاً والبارد نوعاً من الدقّ ينسب إلى المشايخ والهرمى واليابس نوعاً من الدق والسل يخالف كل ذلك السلّ الكائن عن الرئة فإن الرئة في هذا لا تكون مؤفة نفسها ولا يكون بصاحبه سعال ويخالف الدق الحار لعدم الحرارة.
وأما علامة سوء المزاج الحار فزيادة النبض في السرعة والتواتر عن الطبيعي وخروج النفس إلى السرعة والتواتر عن الطبيعي وشدّة العطش الذي يسكن بالهواء البارد والاستراحة إلى البرد وعموم النحول والذوبان من غير سبب آخر والغمّ والكرب المخالطين للالتهاب وأما علامة سوء المزاج البارد فميل النبض إلى الصغر والبطء والتفاوت عن الطبيعي إلا أن تسقط القوة فيضطر إلى التواتر فيتدارك ما تفوت الحاجة بغيرهما ويكون مع ضعف النفس وانحلال القوة والاستراحة إلى ما يسخّن من أنواع ما يلمس ويشمّ ويذاق والتفرع والجبن والإفراط في الرقة والرحمة.
وأما علامة سوء المزاج الرطب فميل النبض إلى اللين عن الطبيعي وسرعة الانفعال عن التواترات في النفس مع سرعة زوالها وكثرة حدوث الحمّيات العفنة.
وأما علامة سوء المزاج اليابس فميل النبض إلى اليبس عن الطبيعي وعسر الانفعالات مع ثباتها كانت قوية أو ضعيفة وذوبان البدن.

.فصل في دلائل الأورام:

فمنها دلائل الأورام الحارة فإنها في ابتدائها تظهر في النبض اختلافاً عجيباً غير معهود ويعظم اللهيب في البدن وخصوصاً في نواحي أعضاء التنفس ويكون المتنفّس وإن استنشق أعظم هواء وأبرده كالعادم للنفس ثم يتبعه غشي متدارك ولا يجب أن يتوقّع في تعرّف حال أورام القلب الحارة ما يكون من دلالة صلابة النبض على ما جرت العادة بتوفعه في غيره مما هو مثله فإن الورم لا يبلغ بالقلب إلى أن يصلب له النبض بل يقتل قبل ذلك.
وأما انحلال الفرد فيوقف عليه من الأسباب البادية وقد قال بعضهم أنه إذا عرضت في القلب قرحة سال من المنخر الأيسر دم ومات صاحبه وعلامته وجع في الثندوة اليسرى.

.فصل في الأسباب المؤثّرة في القلب:

الأسباب المؤثرة في القلب منها ما هي خاصة به ومنها ما هي مشتركة له ولغيره كالأسباب الفاعلة للأمزجة والأسباب الفاعلة للأورام والفاعلة لانحلال الفرد وسائر ما أشبه ذلك مما قد عددنا ذلك من الكتب الكلية لكن القلب يخصّه أسباب تعرض من قبل النفس وأسباب تعرض من قبل الانفعالات النفسانية.
أما النفس فإذا ضاق أو سخن جداً أو برد جداً لزم منه أن تنال القلب آفة.
وأما الانفعالات النفسانية فيجب أن يرجع فيه إلى كلامنا في الكلّيات وقد بينا تأثيرها في القلب بتوسط الروح وكل ما أفرط منها في تأثير خانق للحار الغريزي إلى باطن أو ناشر إياه إلى خارج فقد يبلغ أن يحدث غشياً بل يبلغ أن يهلك.
والغضب من جملتها أقلّ الجميع فإن الغضب قلّما يهلك.
وأما السهر والرياضة وأمثال ذلك فتضعف القلب بالتحليل.

.فصل في القوانين الكلية في علاج القلب:

إن لنا في الأدوية القلبية مقالة مفردة إذا جمع الإنسان بين معرفته بالطبّ ومعرفته بالأصول التي هي أعمّ من الطب انتفع بها.
وأما ههنا فإنا نشير إلى ما يجب أن يقال في الكتب الطبية الساذجة أنه لما كان القلب عضواً رئيساً أجل كل رئيس وأشرفه وجب أن يكون الإقدام على معالجته بالأدوية إقداماً معموداً بالحزم البالغ سواء أردنا أن نستفرغ منه خلطاً أو نبدل له مزاجاً.
أما الاستفراغ الذي يجري مجرى الفصد فإنا نقدم عليه إقداماً لا يحوجنا إلى خلطه بتدابير أخرى منقية بل أكثر ما يلزمنا فيه أن لا نفرط فتسقط القوة وأن تنعش القوة إن خارت قليلاً بالأشياء الناعشة للقوة إذا ضعفت لمزاج بارد أو حار وهذا أمر ليس إنما يختص به إخراج الدم فقط بل جميع الاستفراغات وإن كان إخراج الدم أشدّ استيجاباً لهذا الاحتياط.
والسبب الذي يستغنى معه عن محاولة أصناف من التدبير غير ذلك أن إخراج الدم ليس بدواء يرد على القلب وعلى أن الأكثر امتلاءات القلب إنما هو من الدم والبخار فيدفع ضررهما جميعاً الفصد.
وأما الامتلاء الدموي فمن الباسليق الأيمن وأما الامتلاء البخاري فمن الباسليق الأيسر وأما سائر الاستفراغات التي تكون بالأدوية فيجب أن يخالط بالتدبير المذكور وتدابير أخرى وذلك لأن أكثر الأدوية المستفرغة مضادة للبدن فيجب أن يصحبها أدوية قلبية وهي الأدوية التي تفعل في القلب قوّة بخاصية فيها حتى يكون الدواء المستعمل في استفراغ الخلط القلبي مشوباً به أدوية ترياقية بادزهرية مناسبة للقلب.
وقد ينفع كثير من هذه الأدوية بل أكثرها منفعة من جهة أخرى وذلك لأنها أيضاً تنفذ الأدوية المستفرغة إلى القلب صارفة إياها عن غيره.
وأما تبديل المزاج فإنه إما أن يتوجه التدبير نحو تبديل بارد أو تبديل حار أو تبديل رطب أو تبديل يابس.
فإذا أردنا أن نبدل مزاجاً بارداً اجترأنا على ذلك بالأدوية الحارة مخلوطة بالأدوية القلبية الحارة مع مراعاتنا أن لا يقع منها تحريك عنيف لخلط في القلب بحيث يمدد جرم القلب تمديد ريح أو تمديد مارة مورمة وغير ذلك.
وأما إن أردنا أن نبدل مزاجاً حاراً فلا نجسر على الاقتصار على المبرّدات فإن الجوهر الذي خلق القلب لأجله- وهو الروح المصبوب فيه- جوهر حار وحرارة غريزية غير الحرارات الضارة بالبدن وأنه يعرض له من سوء مزاج القلب إذا كان حاراً أن يقل ويتحلّل وأن يتدخن ويتكدر.
فإذا ورد على جرم القلب ما يطفئه ولم يكن مخلوطاً بالأدوية الحارة التي من شأنها أن تقوي الحار الغريزي لأجل ذلك بحرارتها بل بخاصيتها المصاحبة لحرارتها أمكن أن يضر بالأصل أعني الروح وإن نفع الفرع وهو جرم القلب مما ينفع فيه تعديل حرارة جرم القلب إذا أحس معه حرارة الروح فلذلك لا تجد العلماء الأقدمين يحلّون معالجة سوء المزاج الحار الذي في القلب وما يعرض له عن خلط الأدوية الباردة بقلبية حارة ثقة بأن الطبيعة إن كانت قوية ميزت بين المبرّد والمسخّن فحملت بالمبردات على القلب وحملت الحارة القلبية إلى الروح فيعدل ذلك هذا.
وإن وجدوا دواءً معتدلاً يفعل تقوية الروح بالخاصية أو قريباً من الاعتدال كلسان الثور اشتدت استعانتهم به.
وأما إن كانت الطبيعة ضعيفة لم ينفع تدبير وقد يحوجهم إلى استعمال الأدوية الحارة القلبية ما يعلمونه من ثقل جواهر أكثر الأدوية الباردة القلبية وقلة نفوذها وميلها بالطبع إلى الثبات دون النفاذ فيحوجهم ذلك إلى خلط الأدوية القلبية الحارة النافذة بها لتستعين الطبيعة على سوق تلك إلى القلب مثل ما يخلطون الزعفران بسائر أخلاط أقراص الكافور فإن سائر الأخلاط تتبذرق به إلى القلب ثم للقوة الطبيعية أن تصدّه عن القلب له وتشغله بالروح من القلب وتستعين بالمبردات على تعديل المزاج فإن هذا أجدى عليها من أن تستعمل مبردات صرفة ثم تقف في أول المسلك وتأبى أن تنفّذ.
والذين أسقطوا الزعفران من أقراص الكافور مستدركين على الأوائل فقد جعلوا أقراص الكافور قليل الغذاء وهم لا يشعرون.
ثم المزاج الحار يعالج بسقي ربوب الفواكه وخصوصاً ماء التفاح الشامي والسفرجل فإنها نعم الدواء وبما يشبهه مما سنذكره وبأطلية وأضمدة من المطفئات مخلوطة بمقوّيات القلب وإن كان السبب مادة استفرغت.
وأما علاج سوء المزاج البارد فبالمعاجين الكبار التي سنذكرها والشراب الريحاني والرياضات المعتدلة وبالأضمدة والأطلية الحارة العطرة القلبية وبالأغذية حارة بقدر ما ينهضم.
فإن كان السبب مادة استفرغت.
وأما علاج سوء المزاج اليابس فيحتاج فيه إلى غذاء كثير مرطب وإلى دخول الحمام إثره وإلى استعمال الأبزن مع ترفيه وقلة حركة ودعة وسقي الماء البارد.
وإن كان هناك برد جنبوا الماء البارد الشديد البرد وعدلوا بالأغذية والأشربة وأكثروا النوم على طعام حار.
وإن كان السبب مادة حارة استفرغت وستعرف تفصيل ذلك حيث نتكلم في علاج الدق والذبول.
وأما علاج المزاج الرطب فبتلطيف الغذاء واستعمال الأدوية المجفّفة والرياضات المعتدلة مع تواتر وكثرة الحمام قبل الطعام وعياه الحميات والاستنقاع الكثير في الماء الحار واستعمال المسهلات والمدرات واستعمال الشراب القوي القليل العطر واستعمال الأغذية المحمودة الكيموس بقدر دون الكثير فإن كان هناك حرارة جنبوا الحمام واستعملوا الجماع.
وإن كان السبب مادة رطبة أو حارة رطبة استفرغت.
كلام في الأدوية القلبية: أما الأدوية القلبية بكمالها فيجب أن تلقطها من ألواح الأدوية المفردة من لوح أعضاء النفس وأما بحسب الحاجة في هذا الوقت فلنذكر منها ما هو كالرؤوس والأصول فنقول: أما القريبة من الاعتدال منها فالياقوت والسبنجاذق والفيروزج والذهب والفضة ولسان الثور.
وأما الحارة منها فكالدرونج والجدوار والمسك والعنبر والزرنباد والإبريسم خاصية والزعفران والبهمنان عاجلا النفع والقرنفل عجيب جداً والعود الخام والباذرنبويه وبزره.
وأيضاً الباذروج وبزره والشاهسغرم وبزره والقاقلة والكبابة والفلنجمشك وبزره وورق الأترج وحماضه والساذج الهندي والراسن عجيب جداً.
وأما الباردة فاللؤلؤ والكهرباء والبُسد والكافور والصندل والورد والطباشير والطين المختوم والتفاح والكزبرة اليابسة والكزبرة الرطبة وغير ذلك.

.المقالة الثانية: جزئيات مفصلة:

.فصل في الخفقان وأسبابه:

الخفقان حركة اختلاجية تعرض للقلب وسببه كل ما يؤذي القلب مما يكون في نفسه أو يكون في غلافه أو يتصل به من الأعضاء المشاركة المجاورة له وقد يكون عن مادة خلطية وقد يكون عن مزاج ساذج وقد يكون عن ورم وقد يكون عن انحلال الفرد وقد يكون عن سبب غريب وقد يكون عن جبن شديد.
والمادة الخلطية قد تكون دموية وقد تكون رطوبة وقد تكون سوداوية وقد تكون صفراوية وقد تكون ريحية وهي أخفها وأسهلها.
والذي يكون عن مزاج ساذج فإن كل مزاج غالب يوجب ضعفاً وكل ضعف يحدث في القلب ما دام به بقية قوة اضطرب اضطراباً ما كأنه يدفع عن نفسه أذى فكان الخفقان.
وإذا أفرط انتقل الخفقان إلى الغشي وإذا أفرط انتقل إلى الهلاك وقد يفعله من المزاج الساذج كل مزاج من الأمزجة.
وأما الورم الحار فإنه ما دام يبتدئ أظهر خفقاناً ثم أغشي ثم أهلك.
والبارد يقرب من حاله لكنه ربما أمهل قليلاً وكذلك انحلال الفرد وكذلك السدد تكون في مجاري الدم والروح والقلب وما يليه وفي العروق الخشنة من أجزاء الرئة.
وأما الكائن من سبب غريب فمثل الكائن عن أوجاع مثخنة وانفعالات من مواد الأورام المجاورة المذكورة وعن شرب السموم والكائن عن لسوعات الحيوانات والكائن عن الحيات التي تحدث في البطن وخصوصاً إذا ارتقت إلى أعالي مواقف الغذاء والثفل.
وأما الكائن عن لطف حس القلب فإن صاحبه يعرض له الخفقان من أدنى ريح يتولد في الفضاء الذي بينه وبين غلافه أو في جرم غلافه أو في عروقه ومن أدنى كيفية باردة أو حارة تتأدى إليه حتى عقب شرب الماء من غير أن يؤدي ذلك إلى ضعف في أفعاله.
أما الكائن بالمشاركة فإما بمشاركة البدن كله كما يعرض في الحميات وخصوصاً حميات الوباء أو بمشاركة غلافه بأن يعرض فيه ورم رخو أو صلب كما يعرض للقرد والديك المذكورين أو بمشاركة المعدة بأن يكون في فمها خلط لزج زجاجي أو لذاع صفراوي أو كان يفسد فيها الطعام أو بمشاركة جميع الأعضاء التي توجع بشدة.
وقد يكثر بمشاركة المعدة لخلط فيها أو بثور في فمها أو وهن عقيب قيء عنيف حتى لا تكاد تميز بينه وبين القلبي.
وربما عرض اختلاج في فم المعدة وترادف ذلك فكان أشبه شيء بالخفقان القلبي وقد يكون بمشاركة الرئة إذا كثر فيها السدد في الجهة التي تلي القلب فلم ينفذ النفس على وجهه وذلك ينذر بضيق نفس غير مأمون وقد يكون بسبب البحران وحركات تعرض للأخلاط نحو البحران وسنوضحه في موضعه.
ومن شكا خفقاناً بعقب المرض وكان به تهوع وقذف صفراء كبيرة ولم يزل التهوع فهو رديء وينذر بتشنج في المعدة.
العلامات: الخفقان كله يدلَ عليه النبض المخالف المجاوز للحدَ في الاختلاف المحسوس في العظم والصغر والسرعة والإبطاء والتفاوت والتواتر وكثيراً ما يشبه نبض أصحاب الربو ويدل على الرطب منه شدة لين النبض وإحساس صاحبه كأن قلبه ينقلب في رطوبة.
ويدل على الدموي فيه علامات الحرارة والالتهاب وسرعة النبض وعظمة في غير وقت الخفقان وينتفعون بالجماع وفي البارد بالضد منه.
ويدل على الصفراوي منه وهو في القليل أمراض صفراوية تتبعه وصلابة في النبض وشدة ويدل على الريحي الساذج منه صرعة تحلله وخفة مؤنته وقلة اختلاف نبضه.
ويدل على الورمي في جوهره أو غلافه علامة الورمين المذكورة وعلى الانحلالي سببه.
وعلى الكائن عن السموم واللسوع سببها مع عدم سائر الأسباب وكذلك الكائن عن الديدان والكائن عن مزاج حار مفرد التهاب شديد من غير إحساس رطوبة يترجرج فيها القلب وسرعة نبض وتواتره ولو في غير وقت هيجانه وأن يكون عقيب أسباب مسخنه بلا مادة وفي الدّق ونحوه.
وكذلك الكائن عن البرد الساذج يدل عليه أسبابه من الاستفراغات المطفئة للحار الغريزي والأمراض المبردة والأهوية وغيرها والنبض البطيء المتفاوت في غير وقت الخفقان.
وأما الكائن عن السدد فيدلّ عليه اختلاف النبض في الصغر والكبر والضعف والقوة مع عدم علامات الامتلاء.
وأما الكائن عن لطف حس القلب وعن أدنى ريح يتولده وأدنى أذى يتأدى إليه فيعرف ذلك من قوة النبض وصحة النفس والسلامة في سائر الأعضاء.
وقوة النبض وعظمه أدل دليل عليه ويؤكده أن يكون البدن مع تواتر هذا الخفقان سليماً والقوة محفوظة والعادة في الأفعال صحيحة وأكثر ما يعرض هذا للذين يظهر على وجوههم تأثير الانفعالات النفسانية وإن قلت مثل فرح أو غم أو هم أو غضب أو نحو ذلك.
فأما الكائن بمشاركة البدن كله في الحمّيات فذلك ظاهر وكذلك البحراني.
وأما الكائن بسبب المعدة فيدلّ عليه دلائل أحوال المعدة والشهوة وما ينقذف عنها والخيالات والغثيان والمغص وأن يخف عند الخواء إلا أن يكون عن سبب صفراوي ينصبّ إلى فم المعدة عند الخواء وأن لا يشتدّ ساعة أخذ الغذاء في الهضم.
والذي يكون بمشاركة الرئة بأن يكون صاحبه معرضاً للربو موجوداً فيه العلامات الدالة على رطوبة الرئة وانسداد المجاري فيها التي نذكر في بابه.
وأما الكائن بسبب الخناق فيدل عليه دلائلها المذكورة في بابها ومما يدل عليه اللعاب السائل ووجع كالعاض والغارز يقع دفعة في فم المعدة.
المعالجات الكلية للخفقان: أما المادية كلها فينتفع فيها بالاستفراغات.
أما الدموي فبالفصد وإخراج الدم البالغ وتعديل الغذاء بالكمّ والكيف وإن كان له نوائب أو فصل يعتري فيه كثيراً مثل الربيع مثلاً فمن الواجب أن يتقدم قبل النوبة بفصد وتلطيف غذاء ويتناول ما يقوي القلب.
وأما الكائن بسبب خلط بلغمي فيجب أن يستفرغ بأدوية يبلغ تأثيرها القلب وأوفق ذلك الأيارجات الكبار المستفرغة للرطوبات اللزجة.
وأما الكائن بسبب دم سوداوي فعلاجه الفصد وتعديل الكبد حتى لا تتولّد السوداء بما يقال في بابه.
وإن كان مجرد خلط سوداوي فالعلاج فيه الاستفراغ بمثل أيارج روفس ولوغوديا وجميع ما يستفرغ الخلط السوداوي من مكان بعيد ثم يتوخّى بعد ذلك تعديل المزاج.
أما البارد فبالمسخنات وأما الحار فبالمبرّدات وخصوصاً ما كان منهما من الأدوية القلبية.
وأما ما كان بمشاركة المعدة فإن كان من خلط غليظ عولج بالقيء بعد الطعام وبعد تناول الملطفات المعروفة مثل تناول عصارة الفجل والسكنجبين والإسهال بعده بالأيارجات الكبار مثل لوغاذيا وتنادريطوس وأيارج فيقرا مقوى بشحم الحنظل والغاريقون والأفتيمون.
فإن كان بسبب الصفراء اللذّاعة عولج بتقوية المعدة بربوب الفواكه والنواكه العطرة ومثل التفّاح والسفرجل وخصوصاً بعد الطعام والكمثري وما أشبه ذلك وبإمالة الطبيعة إلى اللين واجتناب ما يستحيل إلى خلط مراري وتدبير تعديل المعدة وكذلك إذا كان الطعام يفسد فيها فينبغي أن تدبر بما يقويها على هضم ما يفسد فيها بما نذكره في باب المعدة فكما أنك تقطع السبب بهذا التدبير كذلك يجب أن تقوّي المنفعل وهو القلب حتى لا يقبل التأثير ولا يقتصر على قطع السبب دون تقوية المنفعل بل يجب مع ذلك أن تتعهد القلب بالأدوية القلبية مما يعظم نفعه في الخفقان شرب وزن مثقال من لسان الثور عند النوم ليالي متوالية ومما جرّب له شرب مقدار نواة ووزنها من القرنفل الذكر في اثني عشر مثقالاً من اللبن الحليب على الريق وأن تشرب مثقالاً من المرزنجوش اليابس في ماء بارد إن كان هناك حرارة أو شرب إن لم يكن حرارة في أيام متوالية.
ومما ينتفع به صاحب الخفقان أن يكون معه أبداً طيب من جنس ما يلائم وأن يديم التبخر به ويستعمل شمامات منه وأن يكون الذي به خفقان حار يغلب على طيبه الورد والكافور والصندل والأدهان الباردة مع قليل خلط من الأدوية الأخرى اللطيفة الحرارة كقليل مسك وزعفران وقرنفل اللهم إلا أن يفدح الأمر فتقتصر.
على الباردة وإن كان به مزاج بارد فالمسك والعنبر ودهن البان ودهن الأترج وماء الكافور والغالية وما يشبه ذلك.
ويقاربه من أصناف الدخن والند والملائمة بحسب المزاج.
ولا نكثر عليك الكلام في تعديل الأدوية القلبية الحارة والباردة فإنك تجد جميعها مكتوباً في جداول أعضاء النفس في الأدوية المفردة.
وبالجملة فإن كل دواء عطر فهو قلبي ومع هذا فإنا قد ذكرنا ما يكون من هذه الأدوية مقدّماً في هذا الغرض فأما صاحب الخفقان مع التهوّع الذي ذكرنا أن خفقانه رديء علاجه خصوصاً إن كان هناك بقية حمّى سقي سويق الشعير مغسولاً بالماء الحار ثم مبرّداً بوزن عشرة دراهم سكّر فإنه- وإن تقيأه أيضاً- ينتفع به وإن كره السكّر لزيادته في التهوّع أخذ بدله حبّ الرمان ويشدّ الساقين ويستنشق الكافور وما يشبهه مع الخلّ ويضع على الصدر خرقاً مبلولة بماء الصندلين والكافور ونحوه وكثيراً ما يهيج الخفقان ثم يندفع شيء إلى أسفل يمنة ويسرة فيسكّن الخفقان.